تُعتبر دراسة الحالة (Case Study) منهجية بحثية كيفية متعمقة، تهدف إلى استكشاف وتحليل ظاهرة أو حدث أو وضع معين في سياقه الواقعي المُعقّد. تتميز هذه المنهجية بالشمولية والتفصيلية، مما يُتيح فهمًا دقيقًا للعوامل المؤثرة والعلاقات التفاعلية بين المتغيرات المُختلفة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية. نظرًا لتنوع الحالات المدروسة في المركز العربي الأوروبي للدراسات السياسية والاجتماعية، يتبنى المركز إطارًا منهجيًا مرنًا وقابلاً للتكيف مع طبيعة كل حالة، مع الالتزام الصارم بالمعايير الأكاديمية والبحثية الرفيعة، وبالأخص معايير البحث العلمي في العلوم الاجتماعية والإنسانية.
الإطار المنهجي لدراســـــة الحالـــــــــــــــة فــــــي
المركز العربي الأوروبي للدراسات السياسية والاجتماعية
مراحل إجراء دراسة الحالة
- صياغة سؤال البحث وتحديد أهداف الدراسة: تُستهلّ الدراسة بصياغة سؤال بحثي مركزي واضح ومحدد بدقة، يُصاغ غالبًا بصيغة “كيف” أو “لماذا”، ويعكس بدقة المشكلة أو الظاهرة أو الحدث المراد دراسته. يجب أن يكون السؤال البحثي مُرتبطًا بإشكالية نظرية أو عملية ذات أهمية. يلي ذلك تحديد أهداف الدراسة بشكل إجرائي، مع توضيح النتائج المتوقعة والإسهامات المعرفية المرجوة، سواء على المستوى النظري أو التطبيقي. ويجب أن تكون الأهداف قابلة للقياس والتحقق.
- تحديد وحدة التحليل ونطاق الدراسة: يشمل ذلك تحديد الوحدة التحليلية للدراسة (Unit of Analysis) بدقة، سواء كانت فردًا أو مجموعة أفراد أو منظمة أو مؤسسة أو حدثًا تاريخيًا أو سياسة عامة أو عملية اجتماعية. كما يشمل تحديد الإطار الزماني والمكاني للدراسة، مع تبرير اختيار هذه الوحدة دون غيرها، وبيان مدى تمثيلها للظاهرة موضوع الدراسة. يتطلب ذلك تحديد المعايير والأسس النظرية والمنهجية التي تُبرر هذا الاختيار.
- التعرف على السياق المُحيط بالحالة: يُعتبر فهم السياق (Context) المُحيط بالحالة المدروسة أمرًا حاسمًا لفهم أسباب المشكلة أو الظاهرة وتطوراتها المحتملة. يتطلب ذلك تحليلًا مُعمقًا للبيئة المُحيطة، بما في ذلك العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والجغرافية والقانونية التي تُؤثر فيها. يُستخدم في ذلك أدوات تحليلية مُناسبة، مثل تحليل SWOT وتحليل PESTLE، وغيرها من الأدوات التحليلية المُعتمدة في العلوم الاجتماعية.
- تحديد مصادر البيانات وطرق جمعها: يعتمد المركز على مصادر مُتنوعة للبيانات لضمان التثليث المنهجي (Triangulation)، بما في ذلك:
- المصادر الأولية (Primary Sources): المقابلات المُعمقة (In-depth Interviews) مع أصحاب المصلحة، والمُشاركين، والخبراء، والمُستفيدين، والملاحظات المُشارِكة وغير المُشارِكة (Participant and Non-participant Observation) في المواقع الميدانية، والاستبيانات (Questionnaires) المفتوحة والمُغلقة، وتحليل الوثائق الرسمية والأرشيفية (Documentary and Archival Analysis).
- المصادر الثانوية (Secondary Sources): الكتب والدوريات العلمية المُحكّمة (Peer-reviewed Journals)، والتقارير الرسمية وغير الرسمية، والإحصائيات الصادرة عن المُنظمات الدولية والمحلية، وتحليل وسائل الإعلام المُختلفة. يُراعى عند اختيار طرق جمع البيانات مدى ملاءمتها لطبيعة الدراسة وأهدافها، مع ضمان مصداقية البيانات (Reliability) وثباتها (Validity) ودقتها (Accuracy).
- تنظيم البيانات وتحليلها: تُجمع البيانات وتُنظم بشكل منهجي في قاعدة بيانات مُهيكلة، سواء كانت كمية أو كيفية، مع إضافة الملاحظات والتعليقات والترميزات (Coding) الضرورية. يُستخدم المركز أساليب تحليلية مُتنوعة، كمية وكيفية، لتحليل البيانات واستخلاص النتائج، مع مراعاة الموضوعية (Objectivity) والشفافية (Transparency) في عملية التحليل. من بين الأساليب التحليلية المُستخدمة: تحليل المحتوى (Content Analysis)، والتحليل الموضوعي (Thematic Analysis)، والتحليل الإحصائي (Statistical Analysis)، وغيرها.
- تنظيم البيانات وتحليلها: تُجمع البيانات وتُنظم بشكل منهجي في قاعدة بيانات مُهيكلة، سواء كانت كمية أو كيفية، مع إضافة الملاحظات والتعليقات والترميزات (Coding) الضرورية. يُستخدم المركز أساليب تحليلية مُتنوعة، كمية وكيفية، لتحليل البيانات واستخلاص النتائج، مع مراعاة الموضوعية (Objectivity) والشفافية (Transparency) في عملية التحليل. من بين الأساليب التحليلية المُستخدمة: تحليل المحتوى (Content Analysis)، والتحليل الموضوعي (Thematic Analysis)، والتحليل الإحصائي (Statistical Analysis)، وغيرها.
- كتابة التقرير النهائي وعرض النتائج: يتضمن التقرير النهائي وصفًا مُفصلًا وشاملًا للحالة المدروسة، وتحليلًا مُعمقًا للبيانات، واستخلاص النتائج والتوصيات والتفسيرات. يُراعى في كتابة التقرير الوضوح والدقة والمنهجية والاتساق المنطقي، مع الالتزام بمعايير الكتابة الأكاديمية والبحثية، وتوثيق المصادر بشكل صحيح وفقًا لأحد أنظمة التوثيق المُعتمدة (APA, MLA, Chicago). يمكن عرض النتائج في مُؤتمرات أو ندوات علمية أو نشرها في دوريات علمية مُحكّمة.
المفاهيم الأساسية في دراسة الحالة
- السياق (Context): يُشكّل السياق المُحيط بالحالة المدروسة إطارًا حاسمًا لفهمها وتفسيرها. يتطلب ذلك وصفًا دقيقًا وشاملًا للعوامل المُؤثرة في هذه البيئة.
- الحالة (Case): هي الوحدة التحليلية للدراسة، والتي يتم اختيارها بناءً على معايير مُحددة.
- الظاهرة (Phenomenon): هي الموضوع أو المشكلة أو الحدث الذي يتم دراسته من خلال الحالة.
- البيانات (Data): هي المعلومات التي يتم جمعها وتحليلها لفهم الحالة.
- التثليث المنهجي (Triangulation): هو استخدام مصادر مُتعددة للبيانات وطرق مُتنوعة لجمعها وتحليلها لزيادة مصداقية النتائج.
اعتبارات إضافية للمركز
- التركيز على القضايا ذات الصلة بالمنطقة العربية وأوروبا: يُولي المركز اهتمامًا خاصًا بدراسة الحالات ذات الصلة بالتفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين المنطقتين، مع التركيز على القضايا الراهنة والمُستجدة.
- المنهجية المُقارنة (Comparative Methodology): يُشجع المركز على استخدام المنهجية المُقارنة في دراسة الحالات، لمقارنة تجارب مُختلفة واستخلاص الدروس والعبر، وتحديد أوجه التشابه والاختلاف بينها.
- التعاون مع الباحثين والخبراء والمؤسسات: يُؤمن المركز بأهمية التعاون والتواصل مع الباحثين والخبراء والمؤسسات البحثية والأكاديمية من مُختلف التخصصات، لإثراء البحث وتعميق التحليل وتبادل الخبرات والمعرفة.
الخلاصـــــــــــــــــــــــــة:
يُساهم هذا الإطار المنهجي المُفصّل والشامل في
يُساهم هذا الإطار المنهجي المُفصّل والشامل في ضمان جودة الدراسات والأبحاث التي يُجريها المركز العربي الأوروبي للدراسات السياسية والاجتماعية، من خلال توفير معايير واضحة ومُحددة لإجراء دراسات الحالة. كما يُعزز هذا الإطار من دور المركز كمرجع أكاديمي مُعتبر وموثوق في مجال الدراسات العربية الأوروبية، ويُساهم في إثراء النقاشات العلمية وتقديم تحليلات معمقة للقضايا ذات الاهتمام المُشترك بين المنطقتين، بما يخدم فهمًا أفضل للتحديات والفرص المُتاحة.