مبعوث فرنسا يلتقي ناشطي المجتمع المدني السوري في دمشق |صور
التقى المبعوث الفرنسي الخاص إلى سوريا، جان فرانسوا جيوم، اليوم الثلاثاء، بناشطين سوريين ومنظمات المجتمع المدني داخل سوريا وخارجها والفعاليات المحلية، في العاصمة دمشق.
ويأتي هذا اللقاء في أعقاب سقوط نظام الأسد، وبعد افتتاح السفارة الفرنسية في دمشق، بعد قرابة 12 عاماً من إغلاقها، وقد جرى اللقاء في مركز “Study Zone” بمنطقة باب شرقي، بتنظيم من مؤسسة “l’Œuvre d’Orient” (عمل المشرق) الممولة للمركز.
وحضر موقع تلفزيون سوريا اللقاء، الذي تخللته نقاشات بين الناشطين ومنظمات المجتمع المدني حول بناء سوريا الجديدة والخطط المقترحة، وحوار مع المبعوث الفرنسي أجاب فيه عن العديد من التساؤلات.
فرنسا داعمة للمرحلة الانتقالية
عبّر المبعوث الفرنسي الخاص إلى سوريا، جان فرانسوا جيوم، عن استعداد فرنسا لدعم المنظمات المحلية والحقوقية والسوريين بمختلف توجهاتهم من أجل بناء سوريا الجديدة، لكن من دون التدخل في الشؤون الداخلية؛ أي أنها ستكون مساندة من مبدأ الصداقة لا بصفة المانح أو المتحكم.
وأعرب “جيوم” عن سعادته باجتماعه مع السوريين في قلب العاصمة دمشق، مُذكراً إياهم بدعم فرنسا الدائم للثورة السورية ضد النظام السابق، خلال السنوات الفائتة، وبدعابة، طمأن الحضور بدوام الدعم الفرنسي لكن دون استخدام “إلى الأبد” لوصف هذا الدعم؛ في تلميح لما كان النظام يسوّقه لنفسه بأنّ حكمه “أبدي”.
وأشار “جيوم” إلى ضرورة تمسّك السوريين بمسار تحقيق العدالة حتى لا يفلت النظام السابق وأتباعه من العقاب، بعد كل الجرائم التي ارتكبوها بحقّ الشعب السوري.
وبسؤاله عن أهداف ومآلات اجتماع العقبة في الأردن، أوضح أنّ “الغاية الأولى كانت البحث في سبل دعم السوريين خلال المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا، ومعرفة تطلعاتهم وما الذي يستطيع الاتحاد الأوروبي وفرنسا تقديمه لهم”، مشيراً إلى أنَّ “الطريق طويل نحو تحقيق الديمقراطية شرط أن تمثل هذه المرحلة الحفاظ على التنوع والتعددية في المجتمع السوري”.
فرنسا
وكان أهم ما أجاب عنه “جيوم”، هو حال السوريين اللاجئين في فرنسا إذا ما قرّروا زيارة بلادهم؛ فقد أكّد عزم بلاده على تمكين السوريين في فرنسا من زيارة بلدهم، من دون إسقاط صفة اللجوء عنهم.
نقاشات طويلة والآمال كبيرة
حضر اللقاء سوريون من مختلف الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية والعشائرية؛ الأمر الذي حوّل اللقاء إلى تعبير صريح عن تنوع المجتمع السوري وتآلفه بعد سنوات الحرب الطويلة.
ودارات نقاشات بين الحاضرين الذي عبروا عن آرائهم وآمالهم وخططهم للمرحلة القادمة؛ والتي كانت جميعها تحت عنوان “لأبدأ من نفسي”، حثّاً على العمل الجاد دون التعويل على جهة دولية أو حكومة داخلية إن أمكن ذلك.
سنا علي مصطفى -ناشطة وابنة معتقل مُغيب قسراً منذ 12 عاماً (علي محمد مصطفى)- أشارت إلى ضرورة حفظ الوثائق والأدلة الموجودة في المعتقلات والسجون، وبناء أرشيف خاص منها لعلّه يكون طرف الخيط في عملية البحث عن المعتقلين، الذين ما يزالوا مجهولي المصير حتى الآن، أو يكون الدليل الدامغ على جرائم النظام لمعاقبته بأسرع ما يمكن.
وأوضحت في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا أنها وصلت إلى سوريا قبل 5 أيام قادمة من أميركا، في رحلة متعبة من البحث عن أبيها في أقبية الفروع الأمنية، عازمة على الاستمرار في البحث دون كلل أو ملل حتى تجده أو تتحقق العدالة بمعاقبة مجرمي النظام.
سيببل
وقد عتب عدد كبير من الحضور على الحكومة الجديدة التي لم تبذل جهوداً حقيقية للحفاظ على الأدلة أو حماية الوثائق والملفات التي جرى العبث بها بالحرق والإتلاف والسرقة، في محاولة من “مجهولين” لطمس آخر الأدلة على إجرام النظام وتنكيله بالسوريين.
بدوره أكّد رضوان الأطرش -قدم من إدلب- على ضرورة تبني مبدأ السلم الأهلي حقناً للدماء وطيّاً لصفحة سوداء في تاريخ سوريا استمرت لأكثر من خمسة عقود، فيما أوضحت لارا عيزوقي -صحفية من طرطوس كانت ملاحقة من مخابرات النظام السابق- أنَّ تفعيل دور الإعلام هو حجر الأساس في صرح حرية التعبير والانتقاد.
بدورها، أمِلت الكاتبة والسينارست كوليت بهنا بوضع أساس لفكرة المواطنة في سوريا الجديدة، مع ضمان حرية الكتابة والرأي، وتجاوز عبارات “الأقلية” و”الأكثرية”.
قضية المخيمات في الشمال السوري
وحضر اللقاء أيضاً، أعضاء منظمة “بلا قيود” الحقوقية، وعبّروا عن أسفهم وحزنهم العميق لإهمال ملف المعتقلين، لا سيما بإتلاف الأدلة، كما أكّدوا على أهمية تقديم الرعاية الصحية والدعم النفسي الاجتماعي للمعتقلين المحررين مؤخراً.
ولم ينسَ الحاضرون قضية “أهل الخيام” في الشمال السوري ووجوب الالتفات إلى أحوالهم من أجل نقلهم إلى حياة كريمة تليق بإنسانيتهم.
شهد اللقاء مداخلات من قبل الطلاب الذين يدرسون في قاعات مركز “Study Zone”، إذ أدلوا برأيهم حول المرحلة الانتقالية ورغبتهم في المشاركة الفاعلة وفق اختصاصاتهم الدراسية والمهنية إن أمكن ذلك.
عبد الله بلالي -طالب في قسم الإرشاد النفسي بجامعة دمشق- لفت انتباه الحاضرين إلى ضرورة تبنّي خطط حقيقية لمساعدة المتضررين نفسياً بعد سنوات الحرب الطويلة، لا سيما أولئك الذين تعرضوا للاعتقال والنزوح وظروف الحياة القاسية.
قال مدير مشروع “Study Zone” سليم إبراهيم لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ فكرة المشروع بدأت، عام 2013، على يد الدكتور سفير سليم وفريدي يوسف في حلب، وبتمويل من مؤسسة “l’Œuvre d’Orient” ووزارة الخارجية الفرنسية.
وتقوم فكرة المشروع على تأمين المقومات اللازمة للدراسة والتحصيل العلمي للطلاب السوريين، في ظل الظروف القاسية التي فرضها النظام السابق، خلال سنوات حكمه الأخيرة؛ من انقطاع الكهرباء، وانقطاع الإنترنت، فضلاً عن عدم وجود أماكن ملائمة للدراسة بالنسبة للطلاب الذين هجروا من بيوتهم.
وبحسب “سليم”، نجح المشروع في تحقيق غايته بـ”تأمين الجو المناسب والكهرباء والإنترنت والتدفئة والتكييف للطلاب، وبرسوم رمزية جداً”، مشيراً إلى أنّ عدد مراكزهم وصل إلى 14 مركزاً موزعين بين 5 محافظات: دمشق، حمص، اللاذقية، طرطوس، حلب، كما لفت إلى أنّ المشروع يتبع لـ منظمة “Christian Hope Centre”، وهو تحت رعاية مطرانية اللاتين في سوريا.