الملخص التنفيذي
-
تشهد منطقة شمال سوريا توترًا يهدد بالتصاعد إلى صراع شامل، رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة منبج بين القوات الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). مقترح قسد بإنشاء منطقة منزوعة السلاح على الحدود مع تركيا يبدو غير كافٍ لنزع فتيل التوترات في منطقة تتنازعها مصالح متضاربة وحسابات سياسية واستراتيجية معقدة.
السياق والتحليل
-
تعتبر منطقة شمال سوريا بؤرة صراع دولي وإقليمي تشترك فيه قوى عديدة، مثل الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وأعضاء حلف “الناتو”. يشير لاري كورب، مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، إلى أن المنطقة تحتاج إلى منطقة منزوعة السلاح مع منع التدخل الروسي ومنع الأكراد من الاقتتال الداخلي أثناء سعيهم لبناء دولتهم.
-
يركز كورب على الحاجة لتعاون بين الولايات المتحدة وتركيا، كحليفين في “الناتو”، للتوصل إلى اتفاق حول دور الأكراد في سوريا ما بعد الأسد. هذا التفاهم المشترك ضروري لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
الموقف الأمريكي والتركي
-
في مقابلة مع قناة “الحرة”، قال كورب إن السؤال الجوهري هو ما إذا كانت الولايات المتحدة وتركيا، كحليفين في “الناتو”، قادرتين على التوصل إلى اتفاق بشأن دور الأكراد في سوريا بعد الأسد. هذا التعاون الأمريكي التركي يعتبر حجر الزاوية في أي حل مستدام للصراع في شمال سوريا.
مقترحات “قسد” وردود الفعل التركية
-
اقترح قائد “قسد”، مظلوم عبدي، إنشاء “منطقة منزوعة السلاح” في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا، كمبادرة تهدف إلى معالجة المخاوف الأمنية التركية. لكن الباحث السياسي التركي، جواد غوك، يعبر عن عدم ثقة أنقرة بالأكراد والمقترحات المقدمة، مشيرًا إلى أن تركيا دعمت الفصائل المعارضة لإبعاد قوات سوريا الديمقراطية عن المناطق الحدودية.
-
تظهر تصريحات غوك أن أنقرة مستعدة لمناقشة أي مقترحات تأتي من الحكومة السورية في دمشق، وليس من “قسد”. تركيا تسعى أيضًا للسيطرة على شريط بعرض 30 كيلومترًا داخل الحدود السورية لدواعي أمنية. يشير الباحث إلى أن أنقرة ستقبل بأي ضمانات أمريكية بشرط وقف التهديدات من الأكراد تجاه تركيا أو الفصائل السورية.
الأبعاد الإقليمية والدولية
-
تشير الديناميكيات الحالية في شمال سوريا إلى تداخل المصالح الإقليمية والدولية بشكل معقد. يظهر واضحًا أن أي محاولة لتحقيق التهدئة تتطلب تدخلًا دبلوماسيًا مكثفًا وتنسيقًا عالي المستوى بين القوى الفاعلة.
-
تعتمد الاستراتيجيات التركية على تحقيق الأمن القومي من خلال إقامة شريط حدودي آمن، في حين تركز الاستراتيجيات الأمريكية على منع النفوذ الروسي وضمان عدم تحول الأكراد إلى قوة معادية. تظل روسيا عاملاً مؤثرًا يسعى لتحقيق مصالحه الاستراتيجية في المنطقة.
الخاتمة والتوصيات
-
لضمان التهدئة في شمال سوريا، يجب أن تشمل الجهود الدبلوماسية التنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا والقوى الإقليمية والدولية الأخرى. يجب أن تتضمن أي اتفاقيات ضمانات أمنية واضحة تضمن التزام جميع الأطراف. ومن المهم أن تشمل تلك الاتفاقيات آليات لمراقبة الامتثال وتوفير دعم دولي لتنفيذها.
-
على المدى الطويل، يجب التركيز على بناء الثقة بين مختلف الأطراف المعنية، وتطوير مبادرات محلية لتعزيز الاستقرار. يتطلب تحقيق هذا الهدف التزامًا دوليًا قويًا واستعدادًا للتعاون بين كافة القوى المؤثرة في المنطقة.
-
تهدف هذه الورقة إلى تقديم تحليل أكاديمي معمق للوضع الراهن في شمال سوريا، واستكشاف التحديات والفرص المتعلقة بضمانات التهدئة، مع التركيز على الأبعاد القانونية والسياسية والاستراتيجية للموضوع.