مع سقوط نظام بشار الأسد، الذي طالما اعتبره اللاجئون السوريون أحد أكبر العوائق أمام تحقيق السلام والاستقرار في وطنهم، يجد اللاجئون في ألمانيا أنفسهم أمام مرحلة جديدة مليئة بالتساؤلات حول مستقبلهم في البلاد.
هذا التطور السياسي البارز يفرض تحديات وفرصًا أمام الحكومة الألمانية، التي تسعى لإعادة تقييم سياستها تجاه اللاجئين السوريين بما يتماشى مع المستجدات.
أسئلة ملحة: مستقبل اللجوء والحماية في ألمانيا
تتزايد التساؤلات بين اللاجئين السوريين حول وضع طلبات اللجوء الخاصة بهم، سواء التي لا تزال قيد المعالجة أو تلك التي صدر بشأنها قرارات حماية. ومن أبرز هذه التساؤلات:
- كيف ستتعامل السلطات الألمانية مع الطلبات المعلقة؟
- هل سيُعاد النظر في قرارات الحماية التي صدرت بالفعل إذا استقر الوضع في سوريا؟
- ماذا عن أولئك الذين يرغبون في العودة المؤقتة أو الدائمة إلى وطنهم؟
هذه الأسئلة، إلى جانب القلق السائد بين اللاجئين، تعكس مرحلة من الارتباك التي تتطلب إجابات حاسمة من الحكومة الألمانية.
تعليق معالجة طلبات اللجوء الجديدة
وفقًا لتقرير مجلة “شبيغل”، أعلنت الهيئة الألمانية لشؤون الهجرة واللاجئين (BAMF) تعليق معالجة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين مؤخرًا. هذا التعليق لا يعني رفض الطلبات أو إغلاق الباب أمام اللاجئين، بل تأجيل اتخاذ القرارات بشأنها. إضافة إلى ذلك، تستعد الحكومة الفيدرالية لتقديم طلب تأجيل رسمي للقرارات المتعلقة باللجوء أمام الاتحاد الأوروبي.
هذا الإجراء سيؤدي إلى تجميد جلسات الاستماع الخاصة باللاجئين السوريين الجدد، مما يترك الكثير من الطلبات عالقة دون حسم.
تغيير وضع الحاصلين على الحماية
الحماية الممنوحة للسوريين في ألمانيا توفر لهم فرصًا مثل لمّ الشمل مع أسرهم. لكن مع تغير المعطيات السياسية في سوريا، تدرس وزارة الداخلية تقليص أولوية طلبات لمّ الشمل. تبرر الوزارة هذا التوجه بأن استقرار الأوضاع في سوريا قد يتيح عودة اللاجئين إلى وطنهم بدلًا من جلب أسرهم إلى ألمانيا.
ويثير هذا المقترح جدلًا واسعًا بين اللاجئين والمنظمات الحقوقية التي تعتبره خطوة غير إنسانية في ظل استمرار الغموض بشأن الأوضاع داخل سوريا.
السماح بزيارات مؤقتة إلى سوريا
في ظل الأوضاع الحالية، بدأ بعض اللاجئين الذين استقروا في ألمانيا يعبرون عن رغبتهم في زيارة وطنهم لرؤية عائلاتهم أو متابعة ممتلكاتهم. في الماضي، كان مثل هذا السلوك يؤدي إلى الشك في صحة ادعاءات اللجوء وسحب الحماية.
لكن السلطات الألمانية تعمل حاليًا على وضع آليات جديدة تتيح زيارات قصيرة إلى سوريا دون المساس بوضع اللاجئ القانوني. هذا الإجراء يهدف إلى التخفيف من الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعاني منها السوريون في المنفى.
دعم العودة الطوعية: برامج جديدة على الطاولة
تدرس الهيئة الألمانية لشؤون الهجرة إعادة إدراج سوريا ضمن برامج دعم العودة الطوعية. وتشمل هذه البرامج، المعروفة باسم REAG/GARP، تقديم دعم مالي للاجئين الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم. حاليًا، تغطي هذه البرامج تكاليف السفر وتقدم مساعدات تصل إلى 4000 يورو للعائلة الواحدة.
رغم أن سوريا كانت مستبعدة من هذا البرنامج منذ عام 2012 بسبب الأوضاع الأمنية، إلا أن التحولات الأخيرة دفعت الحكومة الألمانية إلى مراجعة موقفها بهذا الشأن. ومع استقرار سوريا النسبي، تواجه ألمانيا تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين دعم اللاجئين والالتزام بمصالحها الوطنية.
ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتمكن الحكومة من اتخاذ قرارات تضمن حقوق اللاجئين وتحفظ استقرارهم النفسي والاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار تطلعات العودة وإعادة الإعمار في سوريا؟